أهم رسائل مسلسل قيامة أرطغرل

أهم رسائل مسلسل قيامة أرطغرل


قيامة أرطغرل هو مسلسل تاريخي تركي، يحكي عن أب عثمان مؤسس الدولة العثمانية. هذا المسلسل هو عمل متقون وجبار إضافة إلى ذلك أنه يحتوي على رسائل قوية جدا، كما أنه يحكي لنا ما نعيشه في عصرنا الحالي، كما أنه أيضا يُحيي روح التفاؤل وعدم الاستسلام. وما يميز هذا المسلسل أنه خال من لقطات القُبَلِ وهذا ما يجعل المرء أن يشاهده مع أسرته وعائلته بكل أريحية.

هذا المسلسل الذي اعتبره البعض أنه يحكي عن أحداث غير حقيقية وأن مشاهدته مضيعة للوقت، أقول لهؤلاء أن تفكيركم خطأ، وأننا لا نشاهد المسلسل باعتباره مصدرا تاريخيا، فمتى كانت المسلسلات مصدرا للأحداث التاريخية؟! فمن أراد أن يعرف تاريخ العثمانيين أو أي تاريخ كان، فليقرأ الكتب التاريخية، أما المسلسلات فهي تركز على الإبداع والخيال والدراما، فنحن نشاهد هذا المسلسل باعتباره عمل متقون ونظيف وأنه يحتوي على رسائل قوية وفوائد وعبر جميلة.
ومن الرسائل التي يركز عليها المسلسل هو الارتباط بالله تعالى والتوكل عليه؛ فمن يشاهد هذا المسلسل فسوف يلاحظ هذه الرسالة تتمثل بالدعاء والصلاة قبل أداء أي عمل. فمثلا عندما أراد أرطغرل أن ينقذ زوجته حليمة التي كانت مختطفة، قام بالليل وتوضأ وصلى ركعتين ودعا الله تعالى أن يوفقه وينصره في هذه المهمة.
ومن الرسائل الإيجابية أيضا أنه يربط الانتصار والنجاح بالله تعالى، وقد تمثلت ذلك عندما نجح أرطغرل في أرطغرل قلعة فرسان الهيكل، نسب هذا النصر إلى الله تعالى ولم ينسبه إلى نفسه. وقد تكرر الأمر في مواقف مختلفة من أحداث المسلسل.
كما أن المسلسل يركز على الأسرة وأهميتها، ويركز أيضا عن تقاليد جميلة تتمثل في تجمع الأسرة حول مائدة الطعام وأن الأب هو من يبدأ أولا باعتباره الأكبر سنا، حيث يتقاسم الطعام مع أهله وبشكل جميل، كما أن المسلسل يقدم رسائل مهمة للحكام والسياسيين، من بينها:
وجود نوعين من الأعداء، عدو خارجي وعدو داخلي. فأما العدو الخارجي فهو معلوم ومعروف، وأنه يظهر عداوته لك وبشكل علني ولا يخفيها. أما العدو الداخلي فهو الأخطر، وهو ما يطلق عليه ب "الخونة"، وهذا العدو قد يكون من أقرب الأقربين كالأخ أو العم ... وقد يكون من الأصدقاء أو من نفس حزبك أو جماعتك، والأكثر من ذلك أنه يظهر مساندته لك، ولكن في حقيقة الأمر أنه يخطط للانقلاب عليك. فهذا العدو وجب كشفه وإزاحته. وهذا المسلسل يساعدك على كيفية التعرف على هؤلاء الخونة وكيفية التعامل معهم.
ومن الرسائل السياسية للمسلسل أنه يعطيك نموذجين من الحكام، حاكم ذو همة ضعيفة وعين قصيرة النظر، ولا يفهم مقاصد الأمور ولا لمآلها، وقد تمثلت في "جوندوغدو" الأخ الأكبر لأرطغرل، فهذا النوع من الحكام يَسْهُلُ خداعه، وذلك بأن توفر له لقمة العيش فقط، وهو ما يُصطلَحُ عليه في لهجتنا بالشخص "الخبزي". أما النوع الثاني من الحكام، هو ذلك الشخص ذو همة عالية، وذو طموح عال جدا، وأنه مستعد لتجاوز التحديات كيفما كانت صعبة، إضافة لذلك أن لديه هدف كبير يسعى إلى تحقيقه ولو كانت طريقه عسيرة، كما أنه يفكر بمساعدة المظلومين ومحاكمة الظلمة كيفما كان نوعهم، إضافة إلى ذلك أنه لا يستريح حتى يحقق مطالب المظلومين ويعاقب الظلمة، كما أن لديه عين مُبْصِرَةٌ وطويلة النظر، ويفهم مقاصد الأمور ومآلها، فهذا النوع من الحكام يصعب بل ويستحيل خداعه، وقد تمثلت هذه المواصفات في أرطغرل.
ومن القضايا والرسائل المهمة التي يسعى البرنامج إلى ترسيخها في أفكارنا هي قضية المرأة. فعادة المسلسلات الرومانسية ترسخ لنا أن المرأة ضعيفة ولا تصلح لشيء، وأنها سهلة الخداع... ولكن هذا المسلسل قضى على هذه المفاهيم الكاذبة، وأظهر لنا أن للمرأة دور مهم وكبير في صناعة الأجيال، وأن وراء كل بطل امرأة عظيمة. فالأم هايماناه ( أم أرطغرل ) أم قوية جدا، وكل من يشاهد المسلسل سيلاحظ الدور المهم التي تقدمه هذه المرأة العظيمة وكيف أنها ربت أبناءها وكيف أنهم يناقشونها في همومهم ويستشيرونها في الأمور الاجتماعية والسياسية، كما أن لها دور كبير في ترسيخ المبادئ والقيم الدينية لأبنائها.
هذا المسلسل هو رسالة قوية إلى البلدان العربية والخليجية والمسلمة بأن يفكروا في إنتاج مسلسلات تاريخية عن أبطالهم. فالشباب الآن والأجيال الصاعدة أصبحوا لا يهتمون بالمكتوب كثيرا. وقد أصبحت الأفلام والمسلسلات أكثر تأثيرا على ما يقوم به العلماء والخطباء والوعاظ. فكم من لقطة في ثانية واحدة من فلم معين دمرت وهدمت ما كان يبنيه العالم منذ سنوات. فالمجال المرئي أصبح أكثر خطورة، وله تأثير كبير. لذا فعلى المخرجين أن يفكروا في إنتاج مسلسلات وأفلام ذو قيم أخلاقية رفيعة جدا، تساعد في تربية الأجيال الصاعدة. فما أحوجنا الآن إلى مسلسلات وأفلام لها رسائل دينية وتربوية كمسلسل "قيامة أرطغرل".
فأرجو الله تعالى أن أشاهد أعمال فنية متقنة ولها رسائل دينية وتربوية كهذا المسلسل ولكن بصناعة عربية.


بقلم: عبد الحميد الحرشي


إرسال تعليق

0 تعليقات