بقلم: عبد الحميد الحرشي
فقد المغرب رجلا بمعنى الكلمة، الكل يشهد له بحسن سمعته، إنه ابن مدينة الصويرة الذي فقده المغرب يوم السبت 16 أبريل 2016. الملياردير ميلود الشعبي رحمه الله.
ميلود الشعبي رجل الأعمال والسياسي المغربي ازداد سنة 1930 بدوار الشعبة الشياظمة الشمالية إقليم الصويرة. بدأ كراعي المعز لينتقل إلى أغنى رجال العالم بعد مسيرة مليئة بالتحديات والصعوبات والتي شبهها الشعبي بفضاء الكولف حيث قال: “أشعر أن المراحل التي مرّت منها حياتي شبيهة بفضاء الكولف، كلها حواجز وشعاب، لكن الحمد لله بالصبر والعمل الشاق استطعت التغلب عليها”.
مسار الشعبي الاقتصادي:
فبسبب الفقر وقساوة الظروف التي عاشها ميلود وأسرته غادر الشعبي إلى مراكش ولم يمكث فيها كثيرا لينتقل إلى مدينة القنيطرة ليعمل في مجال البناء وبثمن زهيد. ولكن الشاب الطموح ما زاده ذلك إلا قوة وإصرارا حيث أسس أولى شركاته سنة 1948 وهي عبارة عن شركة صغيرة متخصصة في أشغال البناء والإنعاش العقاري.
ميلود الشعبي لم يكتفي بذلك فقد نوع خدماته اتجه نحو صناعة السيراميك عبر إطلاق شركة متخصصة سنة 1964. وما أن توفر للشعبي ما يكفي من التجربة والترسيخ في مجال الأعمال حتى بدأ ينظر لفرص شراء شركة عصرية كبيرة. فتقرب من مجموعة دولبو ـ ديماتيت لصناعة وتوزيع تجهيزات الري الزراعي ومواد البناء. غير أن عائلة «دولبو» الفرنسية التي تسيطر على رأسمال المجموعة لم تستسغ دخوله كمساهم في رأسمالها. مما أدى إلى رفع راية التحدي، حيث أطلق الشعبي شركة منافسة حطمت أسعار منتجات «دولبو ـ ديماتيت». واستمرت غزوات الشعبي الاقتصادية لسنوات طويلة قبل أن ينتهي الأمر بعائلة دولبو إلى إعلان الهزيمة، واتخاذ قرار بيع مجموعتها الصناعية، التي كانت مشرفة على الإفلاس للشعبي نفسه، وذلك عام 1985. وشكلت هذه العملية طفرة في مسار الشعبي المهني. فبسببها قام بتأسيس مجموعة يينا القابضة التي تفرعّت عنها العديد من الشركات خاصة في المجال الصناعي عبرGPC المتخصصة في صناعة الكارتون وشركة “سنيب” المتخصصة في البيتروكيماويات و”ديماتيت” و”إلكترتا” المتخصصة في بطاريات السيارات.
وفي 1998 أطلق سلسلة متاجر أسواق السلام العصرية المعروفة بعدم بيعها للخمور ثم تبعها إطلاق أولى وحدات سلسلة فنادق رياض موغادور سنة 1999والتي اشتهرت كذلك بعدم بيعها للخمور لتصبح بذلك إحدى المجموعات الاقتصادية المهمة في المغرب.
مسار الشعبي السياسي:
فاز اسمه بمقعد في مجلس النواب المغربي في انتخابات 2002.وفي الانتخابات البرلمانية 2007 فاز بمقعد تمثيل مدينة الصويرة. في يوليو 2008 شن هجوماً حاداً على حكومة إدريس جطو ودعا إلى تشكيل لجنة تقصّي الحقائق بعد فضيحة بيع الحكومة أراضي الدولة بثمن زهيد دون احترام الإجراءات القانونية لمجموعة الضحى.
وفي الانتخابات التشريعية سنة 2011 أعلن خمسة من النواب الفائزين في الانتخابات عن تشكيل مجموعة نيابية مستقلة مساندة لحكومة بنكيران تحمل إسم “المستقبل”، وتم انتخاب ميلود الشعبي ناطقا باسم المجموعة.
قدم ميلود الشعبي استقالته من البرلمان في ديسمبر 2014، لأسباب شخصية مرتبطة بظروف صحية.
مسار الشعبي الإنساني الاجتماعي:
المليالدير الشعبي لم يكن رجل أعمال وسياسي فقط، بل كان رجل إنساني اجتماعي، يساعد الفقراء، ففي سنة 1965 قام الشعبي بتأسيس مؤسسة تثوم بالأعمال الاجتماعية والتي سماها: مؤسسة ميلود الشعبي للأعمال الاجتماعية. وكذلك ترأس عدة جمعيات من بينها جمعية سيدي محمد بن عبد الله بالصويرة، وجمعية الوحدة لحوض سبو بالقنيطرة.
ميلود الشعبي الرجل المحبوب عند الجميع حاز على عدة أوسمة ملكية وعلى جوائز قيمة من أبرزها الوسام الملكي من درجة فارس سنة 1987 من الملك المرحوم الحسن الثاني. والوسام الملكي من درجة ضابط سنة 2004 من الملك محمد السادس نصره.
كما صنف ميلود الشعبي في مجلة “فوربس” السنوية في الرتبة 401 ضمن مليارديرات العالم والأول في المغرب بثروة صافية قدرت حينها بـ2.9 مليار دولار.
ميلود الشعبي الرجل الناجح في حياته، رجل لا يعرف اليأس، رجل عنوانه التحدي. رجل عرف عنه خدوم لوطنه ولدينه، فقد اختار أن لا يبيع الخمور في متاجره. رجل انتقل من جوع وفقر الصومال إلى أغنى رجل في المغرب.
وفي سن ينهاز 86 سنة رحل إلى دار البقاء المليالدير والرجل الاجتماعي ميلود الشعبي أثناء زيارة علاج خارج أرض الوطن.
0 تعليقات