قصة العشر المبشرين بالجنة: الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه

 

قصة العشر المبشرين بالجنة: الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه




مقدمة:

كنت قد تحدثت عن الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه في هذا الموقع، ولكن الآن سأتكلم عنه بشكل مختلف وخصوصا أنس فتحت سلسلة جديدة حول العشر المبشرين بالجنة. فلا يمكن أن أتحدث عن العشر المبشرين بالجنة دون أن أتكلم عن أول المبشرين، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه.



اسم وصفات أبو بكر الصديق رضي الله عنه:

هو عبد الله بن عثمان أبي قحافة المعروف باسم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، اسم أمه: أم الخير سلمى بنت صخر بنت عامر، ماتت مسلمة. بطلنا أحبائي الصغار كان قبل إسلامه لا يشرب الخمر ولا يحب اللهو ولا يعبد الأصنام.

ولد أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعد عام الفيل بسنتين أو ثلاث، وقد لقبه النبي صلى الله عليه وسلم بعتيق وذلك لما ورد في الحديث "أنت عتيق الله من النار". ولقبه صلى الله عليه وسلم أيضا بأبي بكر وذلك لأنه دخل الإسلام مبكرا والصديق لتصديقه بحادثة الإسراء والمعراج.

كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه طويل القامة ونحيف الجسد وأبيض الوجه وغائر العينين هادئ الطباع، عالما بالشعر وأنساب العرب، يعمل في تجارة الثياب، يألفه الناس ويحبونه، ويحبون مجلسه، ويعتبر من أشراف قريش ووجهائهم؛ يعني من أسياد قريش. وكان ثريا حيث تقول أحد الروايات أن "ماله بلغ أربعين ألف درهم"[1] حيث اشتهر أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالكرم والسخاء، حيث أنه عندما أسلم أنفق ماله كله في سبيل الله.

أبو بكر الصديق رضي الله عنه هو أول من أسلم من الرجال حيث تميز عن باقي الصحابة بسرعة دخوله للإسلام بدون أن يتردد، فعندما عرض عليه الإسلام من طرف رسول الله، قبله أبو بكر الصديق رضي الله عنه بدون أن يأخذ مهلة أو يتشاور مع أهله، بل أسلم مباشرة وعاهد رسول الله على نصرته. وهذا كان من أهم الأسباب التي أدت إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في حقه: "إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركون لي صاحبي... فهل أنتم تاركون لي صاحبي".

https://9issass-ah.blogspot.com/2021/04/blog-post.html

https://9issass-ah.blogspot.com/2021/04/blog-post.html

أبو بكر الصديق رضي الله عنه بصفته داعية:

فرح رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحة غامرة بإسلام أبي بكر، حيث اعتبر إسلامه كنزا من كنوز الدعوة الإسلامية. فقد كان ذو سعة علم بتاريخ العرب وأشعارهم، وكان الناس يحبونه. فالشريف يحبه والضعيف يحبه والكبير يحبه والشاب يحبه... فأبو بكر رضي الله عنه كان يتخير من يرى فيه الخير والصلاح، فيدعوه إلى الإسلام. فبعد أن أسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه باشر إلى دعوة الناس إلى دين الله، فأسلم على يديه في اليوم الثاني تسعة من الصحابة منهم ستة من المبشرين بالجنة، فأسماء الصحابة الذين أسلموا على يديه هم: الزبير بن العوام وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وعثمان بن مظعون وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمان بن عوف وسلمة بن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنهم أجمعين. فمعظم هؤلاء الصحابة رضي الله عنه الذين أسلموا على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه قامت على أكتافهم الدعوة الإسلامية.

دفاع أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:

فبعد أن جاهر النبي صلى الله عليه وسلم بدعوته صب المشركون الأذى والعذاب على المؤمنين صبا، حتى نال الأذى أشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبينما هو يصلي في الكعبة، إذ جاء أحد لمشركين ولعله عقبه بن أبي معيط فقام بخنق النبي صلى الله عليه وسلم بالثوب وكاد يموت لولا أن رجل أسرع إلى الصحابي أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقال له أدرك صاحبك. فخرج أبو بكر رضي الله عنه مسرعا حتى أدرك عقبة فدفعه في كتفيه وأبعده عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "أتقتلون رجلا يقول ربي الله" فترك المشركون الرسول صلى الله عليه وسلم واندفعوا ناحية أبي بكر يضربونه حتى تمزق شعر رأسه.

أبو بكر الصديق رضي الله عنه وإنقاذه للعبيد:

علم أبو بكر رضي الله عنه بما يفعله أمية بن خلف مع مؤذن رسول الله الصحابي الجليل بلال رضي الله عنه، فقد كان يعذبه عذابا شديدًا، ويضع على صدره الحجر الكبير ويتركه تحت الشمس المحرقة وفق الرمال الملتهبة ويضربه بالسياط ليرتد عن دينه فلا يجيب إلا بقوله : " أحد ... أحد "[2].

فما كان من أبي بكر رضي الله عنه إلا أن اشتراه من أمية بن خلف وأنقذه من ذلك العذاب الشديد كما أن أبو بكر رضي الله عنه أعتق أيضا عامر بن فهيرة وأم عبيس وغيرهم...

هجرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى المدينة:

فبعد أن اشتدت المضايقات على المسلمين من طرف كفار قريش بدأ الصحابة يهاجرون إلى المدينة رجلا خلف آخر فأراد أبو بكر رضي الله عنه أن يفعل ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا". فلما جاء الإذن للنبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة، أخبر أبا بكر بموعد الهجرة وبأنهما سيهاجران سويا، فبكى أبو بكر من شدة الفرح. وكان أبو بكر رضي الله عنه يستعد للهجرة حيث اشترى راحلتين وأعدهما للرحلة وأمر عبد الله بن أريقط أن يأتيه إلى غار ثور بعد ثلاث ليال من خروجهما كما أنه أوصى أسماء وعائشة رضي الله عنهما أن تجهزا طعاما وتضعاه في جراب مع الناقة، كما أمر ابنه عبد الله رضي الله عنه أن يأتيه كل ليلة بأخبار مكة ومعه عامر بن فهيرة بالغنم عند غار حراء. ثم يعود عبد الله في الصباح كأنه بات في مكة، وعامر يمشي على آثار الأقدام بالأغنام فيمحوها. كما أن أبو بكر الصديق رضي الله عنه أخذ معه كل ماله ليستعين به في هجرته. فلما ذهبوا إلى غار ثور ومكثا فيه ثلاث ليال، أسرع الكفار إليهما ووصلوا إلى الغار ولم يروا النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وخاف أبو بكر وقال للنبي صلى الله عليه وسلم لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا. فـأجابه النبي صلى الله عليه وسلم : ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟.

وفي طريقهما إلى المدينة كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يسير عن يمين الرسول صلى الله عليه وسلم تارة وعن يساره تارة أخرى ، وكذلك يتقدم على النبي صلى الله عليه وسلم ويسير أمامه وأيضا يتأخر ويسير خلفه. وذلك لكي يحمي النبي صلى الله عليه وسلم ويفديه بنفسه إن حدث أي مكروه. وبعد أيام وصلا إلى المدينة سالمين واستقبلهما الأنصار أحسن استقبال.

مسارعة أبو بكر الصديق رضي الله عنه للخيرات:

من الأمور التي جعلت أبو بكر الصديق رضي الله عنه يبشر بالجنة أنه يسارع في الخيرات، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أصبح منكم صائما؟ فقال أبو بكر: أنا ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقال فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: أنا. ثم قال صلى الله عليه وسلم فمن أطعم منكم مسكينا؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم مجددا وقال: فمن عاد منكم اليوم مريضا فقال أبو بكر رضي الله عنه أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة".

وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه رجل شجاع ويتحرى الحلال وأنه تصدق بماله كله في تجهيز جيش العسرة، كما أنه كان يفكر بالمسلمين ويطلب الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعاء لهم كما حدث في غزوة تبوك. وكان أبو بكر رضي الله عنه يفهم كلام النبي؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما خطب في الناس: "إن عبدا خير بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ذلك العبد ما عند الله"، فبكى أبو بكر الصديق رضي الله عنه فتعجب الناس من ذلك فلما سألوه عن سبب بكائه قال لهم: أن العبد المخير هو رسول الله وأن أجله قد اقترب. ولما شاع خبر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه موقفا شجاعا، فقد ثبته الله تعالى وقال للناس: "من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ".

بطلنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان بارا بوالديه، وكان يساعد الفقراء ويخدمهم، كما أنه كان حريصا على تنفيذ أوامر الله وذلك بتأديب مانعي الزكاة ومحاربة أهل الردة، كما أنه في عهده جمع القرآن، وكان قدوة في التواضع.

وتوفي أبو بكر الصديق رضي الله عنه في مثل عمر النبي صلى الله عليه وسلم، أي في سن 63 سنة، وفي يوم الاثنين أي في نفس يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ودفن في حجرة ابنته عائشة رضي الله عنها وبجوار النبي صلى الله عليه وسلم.

نعم أحبتي كانت هذه قصة بطلنا، وإن شاء الله سنتكلم حول أبطال آخرون، فانتظرونا في المقالة المقبلة في سلسلة العشر المبشرين بالجنة ومع ثاني المبشرين وأول من لقب بأمير المؤمنين الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكونوا في الموعد.



[1]  محمد عبد الله في كتابه العشرة المبشرين بالجنة ص 4

[2] محمد عبد الله في كتابه العشرة المبشرين بالجنة ص 6

إرسال تعليق

0 تعليقات